المهمشون في مدينة عتق.. آنين صامت ومعاناة تزلزل الجبال
الفانوس - محمد عرفان
في مدينة عتق بمحافظة شبوة حيث تطوى الحياة تحت أغطية من الفقر والتهميش يصنع البرد القارس مأساة جديدة تضاف إلى معاناة المهمشين المستمرة. ومع دخول فصل الشتاء، تتسلل الرياح الباردة إلى أجسادهم المنهكة، لتزيد من قسوة الأيام والليالي التي يقضونها بلا مأوى يحميهم أو دفء يخفف عنهم شدة الطقس القاسي.
في منطقة مضلل حارة الكهرباء بمدينة عتق يعيش ما يقارب 400 نسمة من المهمشين تحت وطأة البرد القارس تتراكم البيوت المصنوعة من القش والعشش والخيام التي تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة. هذه المنازل التي بالكاد تحجب شمس الصيف لا تستطيع أن تصمد أمام رياح الشتاء الباردة فتترك ساكنيها عرضة للأمراض والمعاناة.
عشش لا تصد الريح ولا توقف الوجع
تتحدث فتحية عبدوه راشد وهي أم لخمسة أطفال بصوت متقطع يخالطه الألم وتقول لمنصة الفانوس "نحن لا نعيش، نحن فقط نحاول البقاء على قيد الحياة. أطفالنا يرتجفون من البرد كل ليلة، لا نملك ملابس تدفئهم أو بطانيات تغطي أجسادهم الصغيرة. إذا مرض أحدهم، نكتفي بشراء مسكن من الصيدلية، لأن المستشفيات تبدو بالنسبة لنا وكأنها حلم بعيد المنال".
فتحية ليست وحدها من تحمل هذا العبء الثقيل. فحياة المهمشين في عتق تحولت إلى صراع يومي مع الفقر والجوع، ومع دخول الشتاء باتوا يواجهون عدواً جديداً لا يرحم أجسادهم الضعيفة.
علي سالم سالمين عاقل الحارة تحدث للفانوس قائلاً "نحن نعيش في هذه البيوت المبنية من العشش وقطع القش، ونعاني أشد المعاناة مع الجوع والفقر والتشرد. لقد أثقلنا البرد الذي داهمنا، فأتعبنا جسدياً ونفسياً وأثّر على أطفالنا، الذين يهلكون بسبب عجزنا عن توفير أبسط مقومات الحياة مثل البطانيات والفُرُش. وإذا مرض أحد الأطفال، نجد أنفسنا عاجزين عن علاجه بسبب الفقر وارتفاع تكاليف العلاج.
وأضاف نرفع ندائنا إلى الله سبحانه وتعالى أولاً ثم إلى أهل الخير أن ينظروا إلينا بعين الرحمة والإنسانية، وأن يقدموا لنا يد العون والمساعدة. نحن لا نملك شيئاً ولا حول لنا ولا قوة إلا بالله ثم بقلوب الخيرين الذين قد يعيدون لنا بصيصاً من الأمل."
غياب الحكومة والمنظمات الإنسانية
مع استمرار غياب الدعم الحكومي والمنظمات الإنسانية تتفاقم معاناة المهمشين في عتق حيث باتت ليالي الشتاء الطويلة كابوساً يقض مضاجعهم. في كل زاوية من أحيائهم المتواضعة، تقرأ في عيونهم قصة مأساة تروى بالصمت. كبار السن يئنون تحت وطأة البرد الذي يخترق عظامهم الهشة، والأطفال يصرخون في صمتهم، يبحثون عن الدفء في أحضان أمهات لا يملكن سوى دموعهن لمواساتهم.
نداءات تدمي القلوب الحية
في وجه هذه المأساة يرفع المهمشون في عتق أصواتهم المنهكة بنداء إلى أهل الخير والمنظمات الإنسانية. يقولون: "لا نطلب الكثير، فقط ما يحفظ لنا حياة كريمة لأطفالنا بطانيات وملابس دافئة وأدوية... وأي شيء يخفف عنا وطأة هذا الشتاء الذي يأكل أجسادنا دون رحمة".