قرابة 5 مليون يمني من ذوي الإعاقة يواجهون مشاكل وتحديات كبيرة
الفانوس
يواجه الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم في اليمن تحديات كبيرة في الحصول على الرعاية الصحية والاجتماعية، نتيجة للأوضاع الاقتصادية القاسية التي خلفتها الحرب المندلعة منذ 9 سنوات.
محافظة الضالع - التي تبعد عن العاصمة عدن بحوالي 160 كيلومتر - يعاني أبناؤها من ذوي الاحتياجات الخاصة كثيراً من التحديات في الرعاية والتعليم نتيجة افتقار المحافظة لجمعيات ومراكز تهتم برعاية وتأهيل ذوي الاعاقة، كما هو الحال في المحافظات الأخرى، ناهيك عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي خلفتها الحرب، وكان أبرز المتضررين منها الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع.
ولمزيد من التفاصيل حول معاناة ذوي الإعاقة في محافظة الضالع، حاولنا في منصة "الفانوس" وعبر هذا التقرير رصد آراء أهالي هذه الفئة ومختصين، لإيصال رسالة للجهات المعنية بأهمية تقديم الرعاية اللازمة لذوي الاحتياجات الخاصة الذين يعدون أكثر شرائح المجتمع حاجة للرعاية والاهتمام.
يقول ناصر أحمد عبدالله "الشيكي"، والد الطفلين عهد (12 عاماً)، وعهود (10 أعوام)، من فئة الصم والبكم من أهالي مديرية الأزارق، إن ولديه يعانون إعاقة الصم والبكم وهما بحاجة لسماعات أذن بحسب الأطباء المختصين، الذين أكدوا أن السماعات قد تساعد الطفلة "عهود" على النطق، أما الولد "عهد" فهو بحاجة لتركيب قوقعة في الخارج، مشيراً إلى أن ظروفه المادية لا تسمح بالسفر لعلاج ولده.
عهد وعهود بحاجة لسماعات
وأوضح "الشيكي" في حديثه لمنصة "الفانوس" أن ولديه يواجهان صعوبة في التعامل نتيجة الإعاقة، في ظل عدم مقدرته على شراء السماعات التي تصل قيمة السماعة الواحدة منها إلى 600 دولار، بحسب إفادته.
وأوضح والد الطفلين الأصمين (عهد وعهود) أن ما يضاعف من ضغوط الحياة عليه هو عدم تعليمهما، نتيجة لافتقار محافظة الضالع إلى مركز مختص بلغة الإشارة والدمج في المدارس، كما هو الحال في المدن الأخرى.. داعياً في الوقت نفسه الحكومة ممثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية إلى ضرورة التدخل بإنشاء ودعم مراكز تأهيل في المحافظة، كما دعا صندوق رعاية المعاقين في العاصمة عدن لمساعدته في توفير سماعات لولديه، لتساعدهما على السمع وتجنبهما مخاطر كثيرة.
مكفوفون بحاجة لرعاية وتعليم
عبدالباسط محمد حسن (35 عاماً)، وهو شقيق لثلاثة مكفوفين، وهم: خولة (22 عاماً)، عزالدين (19 عاماً) واذكار 7 سنوات ، هو الآخر تحدث بمرارة عن المعاناة التي يعيشها ذوو الإعاقة وأهاليهم بسبب الوضع المعيشي الصعب، وعدم وجود مراكز تهتم بشريحة المعاقين بالمحافظة.
يضيف "عبدالباسط"، في سياق حديثه لمنصة "الفانوس" أن لدى إخوته شغف التعلم، مؤكداً أنهم حفظوا أجزاء من القرآن الكريم عن طريق الاستماع، الأمر الذي اضطره للانتقال إلى العاصمة عدن وتحمل إيجار منزل من أجل تعلم نظام "البرايل" الخاص بلمكفوفين، ومحاولة إخراج إخوته من العزلة و إدماجهم في المجتمع.
وطالب شقيق المكفوفين الثلاثة - في ختام حديثه - الجهات المعنية والمنظمات الدولية بالعمل على إيجاد مراكز تهتم وترعى المعاقين، والتخفيف من معاناة أسرهم التي تواجه ظروفاً معيشية صعبة بسبب الأوضاع الاقتصادية القائمة.
مركز تأهيل حديث التأسيس
وفي هذا الشأن، التقت منصة "الفانوس" بالأخ خالد السقلدي - رئيس مركز تدريب وتأهيل المعاقين - الضالع (حديث في التأسيس)، والذي أكد أن إنشاء المركز الذي لم يمضِ على استخراج الترخيص لمزاولة العمل فيه سوى أشهر، يأتي تلبية لحاجة المحافظة إلى مراكز مختصة بذوي الإعاقة.
وأوضح السقلدي أن المركز سيعمل خلال المرحلة القادمة، بالشراكة مع الجهات ذات العلاقة، على خدمة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وتعويضهم عما فقدوه خلال السنوات الماضية.
ودعا مدير مركز تدريب وتأهيل المعاقين بالضالع الجميع للتفاعل، وتقديم الدعم للمركز الذي يهدف إلى منح المعاقين فرصة للتدريب ليكونوا أفراداً قادرين على العمل والإنتاج.
طموح تصطدم بعراقيل
بدوره أفاد الأخ حزام المرح - وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة ورئيس جمعية لرعاية المعاقين بمحافظة الضالع - بأن الجمعية التي تأسست في العام 2008م، وينتسب إليها ما يقارب 15345 معاقاً ومعاقبة من مختلف مناطق ومديريات المحافظة، (منهم 4756 إناثاً)، قد سعت خلال السنوات الماضية للعمل على تحقيق الأهداف التي تأسست من أجلها، إلا أنها اصطدمت بالعديد من العراقيل أهمها عدم وجود مبنى خاصة بالجمعية، بالإضافة إلى عدم توفر النفقات التشغيلية ومستحقات العاملين، فضلاً عن الافتقار للأجهزة وأدوات التدريب والتأهيل والأجهزة التعويضية، وأيضاً عدم وجود العلاجات اللازمة، إلى جانب رسوم الدراسة ووسائل النقل للطلاب والطالبات المعاقين.
وطالب "حزام" عبر منصة "الفانوس" الجهات المعنية في الحكومة والمنظمات الدولية، بالوقوف إلى جانب المعاقين في محافظة الضالع التي تفتقر لكثير من الخدمات.. لافتاً إلى أن صندوق رعاية وتأهيل المعاقين المركز الرئيسي - عدن أوقف مستحقات جمعيته، بحجة أن الجمعية تتسلم مستحقاتها من صندوق المعاقين بمحافظة إب الواقعة تحت سيطرت جماعة الحوثي، بحسب قوله.
غياب مراكز التأهيل يضاعف المعاناة
ويري أستاذ علم النفس بكلية التربية الضالع - جامعة عدن، الدكتور فكري محسن القطوي، أن الجمعيات والمراكز المختصة بذوي الإعاقة تلعب دوراً مهماً في رعايتهم وتأهيلهم، وتجعلهم أفراداً قادرين على المشاركة في الحياة العامة بصورة طبيعية، كما أنها تخفف العبء على أولياء الأمور في تقديم الرعاية، وتسهم في التخفيف من الضغوط النفسية على الأمهات في المنازل.
وأكد القطوي أن ذوي الإعاقة وأسرهم في الضالع يعانون كثيراً نتيجة للوضع الذي تعيشه المحافظة في ظل افتقارها للمراكز والمؤسسات المختصة بذوي الإعاقة، بالإضافة إلى تضاريس المحافظة المترامية الأطراف، ناهيك عن الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يقاسيها معظم سكان البلاد.
وأوضح الدكتور فكري القطوي، في حديثه لمنصة "الفانوس" أن العادات والتقاليد تدفع الكثير للتحفظ وإخفاء أولادهم داخل المنازل، في حين يوجد أكثر من معاق في البيت الواحد.. مبيناً أن البعض الآخر يضطر للذهاب الى عدن، ويتحمل أعباء كثيرة من أجل العلاج وتسجيل أولادهم في جمعيات ومراكز تُعنى برعاية وتأهيل الأطفال المعاقين.
داعياً في ختام حديثه الحكومة ممثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وقيادة السلطة المحلية، والمجلس الانتقالي الجنوبي، وأيضاً المنظمات الدولية، إلى التحرك الجاد وإيجاد حلول حقيقية للمعاقين الذين يشكلون نسبة كبيرة في المجتمع.
و بحسب تقارير سابقة تشير أن ، 4,8 مليون شخص يعاني من إعاقة واحدة على الأقل من بين 30 مليون نسمة في اليمن ، وأنّ الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة يضطرّون لسلوك طرقات خطرة للحصول على رعاية صحية أولية ، بسبب غياب البنى التحتية المناسبة على مقربة منهم.