خيارات

الفن وتعزيز ثقافة التعايش: كيف يوظف الفنانون شهرتهم في خدمة المجتمع؟

لم تخلّف الحرب اليمنية مئات الآلاف من القتلى والجرحى والملايين من الجوعى والمرضى والمشردين فحسب بل أنها مزّقت النسيج الاجتماعي، وقضت على ثقافة التعايش. وهذه ظاهرةٌ دخيلةٌ على الشعب اليمني المعروف بالطيبة والتسامح والقبول بالآخر. كما أنّ هذه الظاهرة هي واحدة من محرّكات الصراع الذي يدخل عامه التاسع دون أن يرتسم في الأفق ملامح أي أمل..

في تقريرنا هذا نحاول أن نستنهض هذا الوعي المجتمعي ونبحث هذه الظاهرة مع نخبة من الفنانين اليمنيين، وأن نتعرف على استعدادهم للقيام بدور توعوي تنويري ناهض بوعي الناس حول أهمية التعايش، وهل هم مؤهلون فعلا للقيام بهذا الدور.

كمال طماح: الموجهات الدينية تحثنا على التعايش

كمال طماح
الفنان كمال طماح (شبكات تواصل)

الفنان كمال طماح يقول" أولا نشكر منصة الفانوس على تسليط الضوء على موضوع جميل ومهم يتعلق بخطابات الشحن المناطقي والعنصري السائد بين الأوساط الاجتماعية، ودورنا كفنانين في تعزيز ثقافة التعايش والحب والسلام، وأحب أن أشير إلى أن الفنان ليس ملكا لنفسه بل هو ملك الناس بكل أطيافهم وانتمائهم ومعتقداتهم، وعلى الفنان أن يخاطب كل العقول، ولذلك يجب أن يعزز ثقافة التعايش وتقبل الآخر ونبذ العنصرية والمذهبية والمناطقية.

ويؤكد طماح بإن الاختلاف سنة كونية يجب أن لا تؤدي للخلاف، ويقول" لنتذكر كلام الله تعالى حين قال (ولكم دينكم ولي دين) وبالتالي يجب أن نتمثل هذه الآيات في تعاملنا وثقافتنا وسلوكنا، ونتحرر من  التطرف المناطقي أو الحزبي أو الديني أو الجهوي".

ويضيف طماح" لذلك يجب على الجميع أن يغرس في نفوس أبنائه منذ الصغر تعاليم الإسلام، ولدينا الكثير من الموجهات كقوله تعال( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) وقوله (يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلنكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم) وكذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم( الناس كأسنان المشط  ولا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى)، وهذه نماذج من ثقافة وسلوك الإسلام التي يجب أن نتبعها في تفكيرنا وسلوكنا".

ويختتم طماح حديثه بقوله" علينا اليوم كفنانين أن نعزز ثقافة التعايش في أعمالنا المختلفة، وأن نعمل برامج ومسلسلات تعزز ثقافة التعايش، وكذلك علينا أن ننشر ذلك في صفحاتنا على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه مسؤوليتنا الوطنية والأخلاقية تجاه مجتمعنا الذي ما يزال يعاني من أهوال الحروب والأزمات، وما أحوجنا اليوم للتعايش والسلام".

مروان لمخلافي: الخطابات المناطقية والعنصرية مرفوضة

الفنان مروان المخلافي (شبكات تواصل)
الفنان مروان المخلافي (شبكات تواصل)

الفنان مروان المخلافي يقول "نحن ليس فقط كفنانين بل كمواطنين، ننظر لخطابات الشحن المناطقي والعنصري كخطابات منفرة ومؤججة ليست لصالح الفنان ولا لصالح المواطن ولا لصالح الصحفي، ولا الطبيب وليس لصالح أحد، ونحن لا نحبذها ولا ندعمها إطلاقا، ولكن هناك أناس انجروا إلى مربع الخطاب المناطقي كونهم من مناطق تقع إما تحت سيطرة المليشيات وأما قد تكون تحت سيطرة المتنفذين البعيدين عن الدولة وعن قوانين الدولة وعن سلطات الدولة، وهذا الخطاب غير مقبول ونرفضه".

ويضيف المخلافي" أما الخطاب العنصري فهو غير مقبول جملة وتفصيلا ونحن كفنانين مفروض نكون تنويرين وكل في مربعه سواء الممثل أو المغني أو ملحن أو شاعر ورسام أو مخرج أو كاتب، ويجب أن نلعب جميعا دورا تنويريا وتوعويا وتوضيحيا للكثير من الناس الذين يمارسون العنصرية أحيانا بشكل غير مقصود، وتنعكس بشكل سلبي نتيجة عدم وعيه، وعلينا أن نشتغل على موضوع التنوير والتوعوية ونستهدف كل المتقليّن وفي المقدمة نحن".

وعن الفن كرسالة مؤثرة يقول المخلافي" الفن يلعب دوراً مهما جدا كونه متابع بشكل كبير وإن كان بشكل موسمي، ومفترض يكون هناك تكاتف من الجميع في استدامة العمل الفني بأهداف ورسائل اجتماعية هادفة، من قبل شركات الإنتاج والقنوات، وهنا يمكن أن تتقلص ظاهرة العنصرية كخطاب لفظي أو سلوكي".

حسن غالب: أتمنى من كتاب المسرح والدراما نصوصا تعالج العنصرية

الفنان حسن غالب
الفنان حسن غالب (يمن شباب)

الفنان حسن غالب يقول" للأسف الناس وصلوا إلى ذروة اليأس من الحياة وكل شخص يريد أن يفش غله في الآخرين وهكذا تنتشر خطابات الشحن المناطقي والعنصري بين الكل، لذلك أتمنى من كتاب المسرح والقصص الدرامية تكثيف جهودهم لمعالجة هذه المشكلة وبعمق كبير، ونحن علينا العمل فيها مسرحيا وتلفزيونيا بالإضافة إلى التركيز في هذه المشكلة عبر الإعلام المقروء والصوتي والمرئي".

أحمد الدعيس: الفنان واجهة المجتمع وعليه أن يقدم فناً راقياً

الفنان أحمد الدعيس
الفنان أحمد الدعيس (شبكات تواصل)

الفنان أحمد الدعيس يقول "طبعا الفنان هو واجهة للمجتمع والفن الإيجابي ووجهة نظري أنه لزاماً على الفنان أن يكون بعيدا عن السياسة وعن العنصرية وعن الطائفية وعن أي شيء سلبي، كما يجب أن يقدم أعمالا إيجابية تنهض بالمجتمع وتعزز وعيه حول التعايش والتسامح والمحبة، ويجب أن يكون الفنان منحازا إلى الظواهر الإيجابية، ويبتعد عن الظواهر السلبية، لأن الفنان قدوة للجمهور وبكلمته أو بعمله يصل إلى أغلب الشرائح المجتمعية لذلك أنا أقول على الفنان أن يقدم فنا هادفا وراقيا وإيجابيا، ويتجنب التحريض ونشر الكراهية والبغضاء".

ويضيف الدعيس" وتجسيدا لمقولة اعطني مسرحا أعطيك شعبا راقيا ومثقفا وواعيا، وهذا هو صميم هدف ورسالة الفنان الذي يقدم أعمالا درامية وأعمالا مسرحية إيجابية ترتقي بوعي الشعوب وتصنع مستقبلا مشرقا للأوطان، وهذا يعكس وعي الفنان بما يقدمه من أعمال إيجابية بعيدا عن الطائفية والعنصرية والسياسة البغيضة".

أريج السيد: الجهل يسود حيث توجد المناطقية والعنصرية

أريج السيد
أريج السيد (فيسبوك)

الفنانة أريج السيد تقول " الشحن المناطقى والعنصري موجود ومورث من القدم وله أسباب كثيرة والأهم أن نعترف أولاً بوجوده، للقدرة على التخلص والتغلب عليه، والعنصرية بحد ذاتها كلمة بشعة تعني التفرقة بحسب اللون والشكل والأنساب والبلدان وهي مخالفة أولا للإنسانية ثم للدين".

وتضيف السيد" وللأسف المجتمعات المشحونة بالمناطقية والعنصرية هي مجتمعات جاهلة وغير متطورة أو متقدمة بسبب سيادة الجهل فيها وعدم تقبل الآخر بكل اختلافاته سواء في دينه أو نسبه أو جنسه".

وتختتم السيد" دور الفن مهم جدا لخلق مجتمع واعٍ ومثقف ومتقبل الآخر وأيضاً يعزز التماسك الاجتماعي ويمكن أن يترك الفن جانبا إيجابياً من خلال المبادرات البسيطة للتوعية، من خلال أفلام قصيرة أو ندوات أو مسلسلات لأن الفن هو أسرع وسيلة للتوعية".

 

بارباع: نسعى لنشر فننا وثقافتنا وتغيير الصورة النمطية

المخرج عبدالرحمن بارباع
المخرج عبدالرحمن بارباع (انستغرام)

المخرج عبدالرحمن بارباع يقول" طبعا في السابق كان الشحن المناطقي موجود وموجه ومدعوم بشكل كبير من قبل بعض الأحزاب أو الشخصيات في صناعة الدراما والكل يحاول أن يوصل الصورة النمطية الخاصة فيه يصدرها للعالم من خلال الإنتاج الدرامي لقوته وتأثيره كون هذا المجال يعرف بالقوى الناعمة في رسم الصورة النمطية للشعوب في العالم، وهذا ما تم استخدامه بالفعل فقد تم تهميش وبشكل مقصود بعض المناطق، وإخفاء ثقافتها وهويتها وتصدير هوية ولهجة واحدة ومن المعروف أن البلد فيه تعدد لهجات وثقافات ولكن للأسف هي غير معروفه أو ما أخذت حقها في الإنتاج الدرامي".

ويضيف بارباع "ولذا نحن كصناع  الدراما نسعى وبجهود شخصية لنشر فننا وثقافتنا حتى نغير ولو جزءا بسيطا في هذه الصورة النمطية المنتشرة".

طاهر الزهيري: الفن رسالة سلام ومحبة وتعايش

الفنان طاهر الزهيري
الفنان طاهر الزهيري (شبكات تواصل)

 طاهر الزهيري وهو مخرج يقول "بالنسبة للفنانين، يختلف فنان عن آخر، وخاصة فئة الفنانين الممثلين فغالبا ما توكل اليهم أعمال لأدائها وقد تكون ذات خطابات موجه ومضامين تخدم الجهة المنتجة أو الراعية للعمل، وفي ظل الظروف الصعبة للفنان اليمني يضطر للقبول بها".

ويضيف"لكن كنظرة الفنانين لخطابات الشحن المناطقي فهي مرفوضة تماماً من قبل الفنانين، وهم يلعبون دورا مهما في تعزيز ثقافة التعايش من خلال ما يقدمونه من فن يحتوي كل الفنانين بكل أطيافهم واختلافاتهم إلى جانب جمهورهم المتنوع، فالفنان بحد ذاته لا يؤمن إلا بثقافة التعايش والاختلاف وينبذ الخلاف والتطرف والعنصرية والمناطقية فالفن رسالة سلام ومحبة والتعايش ثقافة جمال وحياة".

Back to top button