صنعاء: مبيدات حشرية تحصد أرواح البشر
الفانوس- يحيى العكوري
بعد ساعات من مضغه لوريقات القات تم إسعافه للمستشفى إثر مغص مفاجئ وأسهال حاد، وما هي إلا لحظات حتى غادر الحياة مسموما ..هذا ملخص قصة مواطن من مديرية ماوية بمحافظة تعز الذي أدركه الموت قبل أيام بفعل سموم القات الفتاكة وغير القانونية.
يقول: محمد مرشد أحد جيرانه أن نجل المتوفي رش مزرعة القات بالسم اليوم الأول ،و قطف والده أغصان القات وغسله، وبدأ بمضغه وخلال ساعتين فقط أصيب بمغص واسهال شديدين أسعف على إثرهما للمستشفى وأصيب بغيبوبة وتوفى على الفور في طوارئ المشفى ،مضيفاً أن التشخيص الطبي أكد أنه أصيب بتسمم حاد لم يمهله البقاء تحت الملاحظة.
منصة "الفانوس" بحثت في جذور مشكلة أغراق الأسواق بالسموم والمبيدات المختلفة، ورصدت آراء التجار والمزارعين لتعرف أكثر عن المخاطر والتهديدات على البشر والتربة.
أكثر من 1000 صنف من المبيدات والسموم تباع دون قيود أو موانع
يلجأ الكثير من مزارعي القات إلى الاستعانة بالمبيدات والسموم المختلفة، بهدف التسريع في نمو أعواد القات، وجني المحصول في فترة قياسية، لكنهم لا يعلمون أن ذلك السلوك غير الواعي يقطف حياة المئات من المواطنين الذين يدمنون القات.
يحصل أحمد الفؤاد وهو مزارع قات على المبيدات والسموم بكل سهولة، حيث تباع في شارع مأرب بصنعاء، وهناك في استقباله الثلايا أحد بائعي المبيدات والأسمدة، ويدور بينمها نقاش مطول حول نوعية تلك المواد، وما هو الأفضل والأكثر فعالية،حيث يشرح الثلايا لعميله المزارع مميزات تلك العينة من السموم التي يقبل عليها كثير من المزارعين لجني أكبر قدر من المحصول ، ومحاربة فطريات( العطاب) المتواجدة في الزراعة أو ما يعرفه البعض باسم( البياض الدقيقي ) وهي عبارة عن حشرات صغيرة معروفة عند المزارعين تقضي على الزراعة سواءً كانت فواكة أو قات أو خضروات .
أنواع وأصناف مختلفة من السموم والمبيدات عليها تعليمات وتحذيرات في آن، تتواجد بصنعاء وفق الثلايا تفوق قدرته على إحصاءها ،وقدرها بأكثر من (1000 )صنف جميعها تستخدم في الزراعة وتباع دون أي قيود او موانع ، ولأغراض مختلفة، قتل الحشرات الضارة التي تهلك المحصول و لجني محصول كبير من مزارعهم بصورة مبكرة ،وبالتالي إلحاق الضرر بالمستهلك وإبادته أحياناً حيث ثغرق الاسواق بتلك الأصناف بعضها تحتوي على تحذير من المخاطر الكارثية ،ورغم ذالك يتم بيعها واستخدامها بشكل مفرط و دون رقابة بصنعاء وضواحيها وبعض المحافظات اليمنية
يؤكد عدد من بائعي السموم ألتقي بهم مراسل منصة" الفانوس" أن جزءا كبيرا من المبيدات تدخل البلاد بطرق غير شرعية ومعظمها إسرائيلية المنشأ تستخدم غالبيتها للقات ويكثر بيعها في الشتاء فيما يستخدم جزء أخر كأسمدة للخضروات والفواكة.
تجار كبار يعملون في بيع السموم والمبيدات حسب الثلايا ،وأسماء، ووكلاء لها ، بينها مبيدات سامة يحرم استخدامها ،ويضيف لـ"لفانوس" يستخدمها المزارعون في صنعاء وبعض المحافظات الأخرى بشكل مفرط وعشوائي فيما البعض يستخدم سموم منتهية وهنا تكون الخطورة أكبر على التربة حيث تعمل على افسادها وتصبح غير صالحة لزراعة.
يواصل المزارع أحمد الفؤاد حديثه مع "الفانوس" بقوله "استخدم السموم في القات والمحاصيل الأخرى يتم بعدة طرق منها ما يرش به أغصان القات مباشرة ومنها ما يخلط مع كمية من الماء ويسقى به جذور الشجر وهذا يمتصة القات وتحلل فيه ولايمكن التخلص منه ويعطي لونا أحمر أقرب لشكل الدم ورائحة نفادة لايمكن مقاومتها دون لبس كِمامه او قناع واقي ويستخدم صنف أخر يرش به المعطف الذي يوضع عليه القات بعد قطفه "
يستمر التاجر الثلايا سرده عن أكثر الأنواع فاعلية من السموم: المنبع ، المزرق ، المحمر ،ضد الكُلاح هذا المتعلق بالقات أما المحاصيل الاخرى فأكثر الاستخدامات أسمدة وكربونات يستخدمها المزاروعون لمحاربة الحشرات و لتسريع عملية النضج وكذا تكاثر المحصول وهي مواد غير سائلة عكس مبيدات القات وأشكالها تشبه أكياس الاسمنت بحجم أصغر تختلف من نوع لأخر وتعمل على زيادة الانتاج بصورة تضاعف الوضع الطبيعي
نفوذ خفي يحمي تجار السموم
نهاية العام المنصرم إحتدم خلاف بين جمرك صنعاء وقوات تابعة للنجدة ، بسبب اخراج الأخيرة مقطورة محملة "بمبيدات سامة ومسرطنة إسرائيلية المنشاء " عبارة عن "بروميد الميثيل" وهي من المبيدات المسرطنة والمحظورة والممنوعة عالميا ،تابعة لشركاة سبأ العالمية والخاصة بالتاجر دقسان .كشفت ذلك شكوى مسربة من الجمرك ضد قوات النجدة التي قالت أنها اقتحمت الجمرك بقوة مدججة واخرجت المبيدات.
وفي ابريل الماضي أقدمت قوات أمنية في صنعاء على اختطاف الصحفي خالد العراسي على خلفية تناولاته لقضية المبيدات، المحظورة دوليا، والذي يستخدمها النافذون ويتاجرون بها في الأسواق المحلية، وفجر خلالها الرأي العام المحلي .
وكان الغراسي قد كشف في كتابات صحفية له ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي إدخال نافذين في صنعاء كميات من المبيدات المسمومة، والمسرطنة إلى اليمن، من ضمنها مادة “المانكوزيب”، و”بروميد الميثيل”، ومبيد “دورسبان”، ما تسبب في زيادة إعداد المصابين بأمراض السرطان وغيرها من الأمراض المزمنة في مناطق سيطرة الحوثيين، إضافة إلى تاثيراتها الكارثية على البيئة والتربة والثروة الحيوانية والمياه الجوفية.
تهلك الحرث والنسل
مزارع في صنعاء فضل عدم الكشف عن هويته يروي قصته مع المبيدات والسموم خلال ثلاثة أعوام ،وكيف تسببت بإفساد التربة وتلف المحصول. حينما اشترى مبيدات زراعية لم يكن يعلم بخطورتها، وقام باستخدامها لرش مزرعة الفواكه التابعة له فتفاجأ العام الاول بمحصول وفير
وأضاف "أنه أعاد استخدامها العام الثاني، فتغير طعم الفواكه وبدأت بالتهالك ، فقام بقطفها واعطاها للمواشي التي ماتت بعد أيام فقط من تناولها وفق كلامه
مؤكداً انه لم يمر على مزرعته بعد ذلك سوى ثلاثة أعوام وانتهت المزرعة عن بكرة أبيها، ولم يجد بداً من قلع أشجارها التي ظل يرعاها عشرون عاماُ
وحين حاول أن يزرع عوضا عنها صعق بحدوث خلل في التوازن الموجود بين الكائنات الحية التي تعيش في التربة.،حيث تزايدت
الكائنات القاتلة الموجودة في التربة حتى أصبحت ﺁفة تقضي على كل نبته تزرع في الارض، ولم يجد لها اي علاج،وبعد تلك المدة يقول : أن المبيدات التي استخدمها أتضح انها دخلت عن طريق المنافذ الرسمية هي منتجات لشركه اسرائيل سامه ، من أجل القضاء على التربة الخصبة وعلى الشجر والبشر وفق كلامه
وخلال الأيام الاخيرة نوه خطباء كُثر من انتشار مواد سامة وقاتله تستخدم في القات وكذا كأسمده للفواكه والخضروات والمحاصيل الزراعية ،محذرين المزارعين من استخدامها ،ومعتبرين ذالك خيانة وسبب في إلحاق الضرر بالآخرين ،واتهموا اسرائيل في محاولة إبادة الشعب اليمني ،دون التنويه كيف دخلت للبلاد و لمن أدخلها أو سمح ببيعها.
سبب رئيس للأمراض المزمنة
في السنوات الأخيرة تزايد أعداد المصابين بأمراض السرطان في صنعاء وبعض المحافظات، ويرجع أطباء السبب الأكبر الى انتشار المواد السامه في نبتة القات والخضروات والفواكه وتوسع استخدامها دون رقابه
في نزول ميداني لطلاب كلية الطب بجامعة عدن الى بعض المستشفيات أكدت الدكتوره نوره النجاشي أن 52.6 من الحالات المرضية في المستشفيات نتيجة الإصابة بتسمم غذائي ناتج عن تناول خضروات او فواكة مُكربنه وكذا تسمم ناتج عن مضغ وريقات القات.
وأضافت أن كثير من الحالات بدأت أعراضها بإسهال ،قيء ،ارتفاع درجه الحرارة ،ألم المعدة ،رعشة في الجسم وتشنجات ،وهي أعراض شائعة لتسمم بشكل عام ، والتي قد تتضاعف مخاطرها الى الإصابة بأمراض مستعصية وأكدت أن السبب الرئيس تلك المبيدات والسموم خاصة ما يستخدم في شجرة القات حيث يؤدي إلى الاصابة بأنواع السرطان " سرطان الفم ، البلعوم ، المريء"وتسبب المبيدات المُرشة على والقات في تليف الكبد والفشل الكلوي
ووفقاً لدكتوره نوره أن كثير من الخضروات والفواكه تلقح بمبيدات وأسمدة قاتلة وهو ما يفسرة كثرة العرض بالأسواق بأشكال منتفخة مبالغ في حجمها وأسعار رخيصة جداً ومذاق مختلف مقارنة بأخرى تكون ذات أشكال ذابلة وتباع بأسعار مرتفعة يطلق عليها( بلدي) مثل الخيار والبصل وغيره
وأكدت ان المستشفيات اليمنية تستقبل يومياً حالات كثيرة في الشتاء بعضهم يشكو من مغص واسهال يكون ناتج عن تسمم ،وعند سؤال المريض عن الأكل الذي تناولة تكون الإجابة سلطة او فواكة كان طعمها مكربن او بصل أبيض مع الأكل
وشددت النجاشي خلال حديثها مع "الفانوس" على ضرورة توخي الحذر أثناء شراء الفواكه والخضروات
بملاحظة العلامات التي قد تظهر على الفاكهة .مثل ( بقع دائرية أو بيضاوية ، مناطق محروقة ، رائحة الفاكهة ولونها )
ودعت الى اتخاذ خطوات احترازية لتقليل من أضرار المبيدات والسموم المتراكمة على الفاكهة والخضروات وغيرها من خلال نقع الفاكهة والخضروات بالماء لمدة خمس دقائق وتنظيفها جيدآ بـ أداة التنظيف مثل الاسفنج حتئ تزيل الطبقة للاصقة على الفاكهة و نقعها مرة أخرى بالماء والملح للتأكد من زوال الطين والمبيدات المُرشة وتقشيرها قبل الاستخدام إضافة الى الامتناع عن مضغ وريقات القات لما له من أضرار صحية لايمكن الوقايه منها.