أب ضرير وأم مسنة وأخ معاق ومعيلهم الوحيدة خلف القضبان..مستجدات قضية انتصار الحمادي
الفانوس- لؤي العزعزي
على الرغم من حملة الإدانات، وتحذيرات عديدة من منظمات محلية ودولية وأممية حول مغبة استمرار الإعتقال القسري والتعسفي للممثلة وعارضة الأزياء اليمنية الأثيوبية انتصار الحمادي، إلا أنها ما تزال تقبع خلف القضبان، وما يرافق ذلك من معاناة جراء ما تتعرض له من آثار نفسية وجسدية، تتنافى تماما مع حقوق الإنسان والمواثيق الدولية التي تدعو إلى صيانة كرامة السجناء والمعتقلين.
وانتصار الحمادي هي ممثلة يمنية وعارضة أزياء تبلغ من العمر 22 عاما، كانت تعيش في كنف عائلة صغيرة مكونة من أب يمني كفيف، وأم اثيوبية مسنة، ولديها أخ من ذوي الاحتيجات الخاصة، وهي معيلهم الوحيد، قبل أن تتعرض للاعتقال بشكل تعسفي وغير قانوني في 20 فبراير 2021م وذلك بحسب عدد من الحقوقيين والقانونيين داخل اليمن وخارجها.
آخر المستجدات في قضية الحمادي
وفي آخر المستجدات في قضية انتصار الحمادي رفضت المحكمة العليا الطعن بحكم محكمة الإستئناف الصادر في فبراير 2023م والذي كان قد أيّد حكم المحكمة الإبتدائية الصادر في 7 نوفمبر 2021م ومفاده سجن الحمادي خمس سنوات بتهمة تعاطي المخدرات والفجور، وشمل الحكم ثلاث فتيات أخريات، وبحسب محامي المتهمة فإن ذلك الحكم كيدي ولا يستند على أي أساس قانوني، ودون أي إثباتات.
ورفضت المحكمة العليا طعن المحامي صقر السماوي- آخر محاميي انتصار الحمادي- لأنه غير ذي صفه بعد انتهاء تاريخ الوكالة كما ورد في تسبيب رفض الطعن، في حين تم الإفراج عن المتهمه قبل الأخيرة "محلية البعداني" وإحالتها لحماية الأسرة، بالرغم من إنتهاء مدة عقوبتها منذ أيام، ولم يتبقَ في المعتقل إلا السجينة المكلومة انتصارالحمادي وحيدة تبكي الظلم، وتنشد العدالة، وتناشد المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
الظلم وانحسار الاهتمام المحلي والخارجية بقضية الحمادي يدفعها للإنتحار
في ظل انحسار اهتمام المنظمات الحقوقية غابت قضية إنتصار الحمادي كما غابت قضايا كثيرة عن الرأي العام المحلي والخارجي، الأمر الذي دفع الفتاة المغلوبة على امرها، وغير المسنودة بحزب أو قبيلة إلى محاولة أكثر من مرة الإنتحار جراء ما تعرضت له من ممارسات تعذيب نفسي وجسدي وتنمر داخل السجن.
الناشط الحقوقي أحمد ناجي النبهاني أحد المهتمين بالقضية يقول " تم اعتقال انتصار في الشارع وحين لم يتم العثور على أي دليل ضدها تم تفتيش تلفونها وتركيب قضية جديدة لا علاقة لها بموضوع إعتقالها، وتم الحكم عليها بخمس سنوات سجن" واضاف "وفي حين تم الإفراج عن المعتقلات معها على ذمة ذات القضية بعذر الحالة المرضية لم يتم قبول طلب الإفراج عنها نظرا لحالتها الصحية السيئة في السجن، ولم يكتفوا بذلك بل أنهم سلطوا عليها المشرفات على سجن النساء وتعرضت لسوء المعاملة والضرب والتعنيف لدرجة أنها فكرت بالإنتحار أكثر من مرة"
وطالب النبهاني برفع الظلم عن الحمادي وكل المسجونيين ظلما في كل السجون بمختلف المحافظات اليمنية.
وفي السياق يقول المستشار القانوني واحد محاميي الدفاع خالد الكمال " أغلب السجينات في قضية إنتصار الحمادي صدر ضدهن أحكام تعسفية بحجة الحفاظ على الأخلاق مصطلح ( الحرب الناعمة )" ويوضح أكثر بقوله " تم تلفيق تهم باطلة ليس لها أساس من الصحة وذلك بسبب عملها كمودل وعارضة أزياء وقد تم محاكمتهم الصورية بعد أكثر من ستة أشهر بسبب إنعدام الأدلة الجنائية للمحاكمة حيث تعرضت انتصار الحمادي للحبس الانفرادي عدة مرات وتكسر أنفها على يد كريمة المروني (أم الكرار) وأسعفت وأجرت عملية جراحية لها وتعرضت للتميز العنصري بسبب لون بشرتها ومحاولاتها للإنتحار داخل السجن المركزي بسبب سوء المعاملة، ومطالبتها من قبل السلطة القائمة بالعمل في الدعارة من أجل استقطاب المعارضين لسلطة صنعاء، كما تعرضها للسب والقذف والضرب المبرح من كريمة المروني"
وويوضح الكمال بقوله" بالرجوع إلى لحظة القبض على انتصار وزميلاتها نجد بأن الإجراءات كانت مخالفة للقانون وليس لها مسوغ قانوني وذلك لعدم توفر مذكرات قبض وتفتيش أو محاضر رسمية فيها ضبط لأي مواد محظورة"
أصوات من داخل مؤسسات السلطة في صنعاء تكشف حقيقة ودوافع الاعتقال
عضو مجلس النواب ورئيس لجنة الحقوق والحريات القاضي أحمد سيف حاشد أحد المدافعين عن قضية الحمادي يقول لمنصة الفانوس " بحسب تقديري إنتصار رفضت الابتزاز وأمعنت بالتحدي ودفعت الثمن باهضا من حريتها والبقية تفاصيل"
ويضيف "هذا ما فهمناه من أول لقائنا بها وما تلاه وما صاحب ذلك من غبش واختلال وقصور، وثم تهديدها بتغليظ العقوبة من قبل قاضي الحكم بعد أن نطق بحكمه" وأختتم حاشد حديثه بقوله" نتمنى أن يتم إطلاق سراحها على نحو عاجل بعد أن تم إطلاق الجميع بما فيها المتهمة الأولى ما عدا هي، وأنا لا أتحدث هنا عما نسب لها وإنما عن السبب الذي كان وراء اقتيادها إلى السجن، وما أحاط وشاب الإجراءات من تجاوزات وقصور"
وفي وقت سابق ذكرت منظمة العفو الدولية أن الحمادي أُجبرت على الاعتراف بعدة جرائم من بينها حيازة المخدرات والدعارة، وقررت السلطات إخضاعها لفحص "كشف عذرية قسري، في حين أشارت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيانها إلى أن السلطات في صنعاء أوقفت سعيها إلى إجراء اختبار العذرية القسري، وشددت على أن القضية تشوبها مخالفات وانتهاكات.
كما أكدت المنظمة إجبار الحوثيين الحمادي على توقيع وثيقة وهي معصوبة العينين أثناء الاستجواب، وعرضت إطلاق سراحها إذا ساعدتهم في إيقاع أعدائهم بالجنس والمخدرات" وتابعت أن حراس السجن "أساؤوا إليها لفظيا، ووصفوها بـ"العاهرة"
عدم توفر الأدلة يدفع بعض أعضاء النيابة إلى رفض القضي
حسب مصادر موثوقة واطلاعنا المكثف وتواصلنا الدائم بمختلف الأطراف فقد رفضت القضية لمرتين من قبل أعضاء النيابة لعدم وجود أدلة ولبطلان الإجراءات، وفي هذا السياق يقول الحقوقي نبيل سعيد "القضية كانت قد أحيلت إلى النيابة الجزائية المتخصصة ولكنها بعد ذلك أحيلت إلى النيابة العادية في نيابة غرب أمانة العاصمة، وأن سبب عدم نظر القضية من قبل الجزائية هو عدم صحة التهم المنسوبة، وحتى في نيابة غرب الأمانه بعد إحالتها فإن العضو المحقق قد قرر الإفراج عنها لعدم ثبوت التهمة، ولكن تم رفض القرار من قبل وكيل النيابة وإحالة القضية إلى عضو آخر، وكان له نفس رأي العضو السابق، وتم رفض قراره أيضا من قبل وكيل النيابة الذي قرر بعد ذلك تولي القضية بنفسه بالإضافه إلى عدم تمكين المتهمة ومحاميها من الحصول على صور محاضر التحقيقات"
خلفيات وملابسات القضية
في يوم الجمعة 20 فبراير 2021، وقرابة الساعة التاسعة مساء، استحدث رجال الأمن والمخابرات التابعين لحكومة تصريف الأعمال في صنعاء- نقطة للتفتيش جوار مقر عمل الحمادي، وتم إيقاف الحمادي بصحبة سائقها في سيارتهم الخاصة، نوع (شفرو ليت 2009)، وتم اقتيادها وزميلاتها إلى مكان مجهول -حسب ملف القضية ومصادر حقوقية مقربه- ولعشرة أيام تعرضن فيها لحرب نفسية، وأجبرن على الاستجواب دون وجود محامي وهن معصوبات الأعين، هذا وأكد محامو الدفاع - صقر السماوي وخالد الكمال وخالد الصبيحي وأمين البارود- اخفائهن لعشرة أيام في بحث الأمانة الجنائي.
وبحسب عدد من المحاميين تسجل هذه القضية انتهاكات مختلفة منها الإعتقال التعسفي دون مسوغ قانوني والاخفاء القسري، ومن ثم الانتهاكات والمضايقات سوء المعامله داخل المعتقل، وطلب فحص العذرية لتعذر وجود أي أدلة، ومحاولة قتلها من قبل سجينات دفعن إليها لدفن أسرار لا يراد لها ان تفصح عنها، وتبقى هذه القضية مفتوحة على معاناة وظلم كبيرين ليس للفنانة انتصار الحمادي بل لأهلها الذين يموتون ببطء شديد جراء أوضاعهم المعيشية والصحية السيئة.