الفانوس - أحمد الحرازي
على الرغم من الجهود الأمنية والجمركية الكبيرة في محافظة المهرة شرق اليمن، إلا أن المحافظة ما تزال تعاني من ظاهرة تهريب الأدوية حيث تنتشر الأدوية المهربة والمزورة كغيرها من السلع التجارية التي تدخل إلى المحافظات والمدن اليمنية دون تصاريح رسمية عبر طرق ووسائل التهريب المختلفة، إلا أن خطورة الأدوية تبقى في إمكانية تحولها إلى مواد سامة يصرفها الأطباء لمرضاهم إذا لم تخضع للرقابة وفحص الجودة وفي حال جرى نقلها وتخزينها بشكل سيء.
مرضى ومواطنون تحدثوا لمنصة" الفانوس" عن حالات كثيرة تفاقم وضعها الصحي بسبب كبسولة دواء مهربة، فضلا عن تسجيل حالات وفاة وعاهات مستديمة بفعل تلك العقاقير القاتلة، ولم ينحصر الخطر على محافظة المهرة كبوابة عبور للتهريب، بل يمتد الخطر إلى محافظات يمنية أخرى تتسرب لها الأدوية المهربة عبر تجار الموت.
وتشير تقارير غير رسمية إلى أن نسبة الأدوية المهربة في الأسواق الدوائية اليمنية تصل إلى ٥٠٪ وذلك في ظل غياب الإحصاءات الرسمية الدقيقة عن هذه الظاهرة، والأكيد أن أعدادا كبيرة من المرضى قد فقدوا حياتهم بفعل تلك الأدوية غير المطابقة للمواصفات والمقاييس الطبية، ولعل أكثر الملامح قساوة وألماً وفاة ١٢ طفلا يمنينا في العام ٢٠٢٢م بمستشفى الكويت بصنعاء إثر حقنهم بدواء منتهي الصلاحية، وهذا ما أكّدته حينها المنظمة اليمنية لمكافحة الإتجار بالبشر .
ضبط أكثر من مليون كبسولة قاتلة
في ظل اتساع دائرة التهريب عبر المنافذ الحدودية بمحافظة المهرة تتواصل الجهود الأمنية والجمركية في كشفها الا ان الأساليب المعقدة التي يتبعها المهربون قد تشكل صعوبة أمام القوات الأمنية والعسكرية
وتمكن موظفو جمرك صرفيت، بالتعاون مع الجهات الأمنية والعسكرية قبل عدة ايام، من إحباط تهريب شحنة ضخمة من الأدوية الممنوعة والمسببة للإدمان، بلغت مليونا و633 ألفًا و200 كبسولة من عقار "بريجابالين".
وجاءت عملية الضبط إثر بلاغ من الجهات الأمنية حول وجود شاحنة مبردة متوقفة في المنطقة الحدودية بين اليمن وسلطنة عمان.
وقال مدير عام جمرك صرفيت، أحمد با كريت، لمنصة" الفانوس" إن هذه العملية تأتي في إطار الجهود المبذولة لمكافحة التهريب وحماية المجتمع من الآثار الضارة للمواد الممنوعة.
وفي عملية مماثلة أتلف جمرك ميناء شحن البري في محافظة المهرة، كميات كبيرة من الأدوية المهربة والممنوعة، والبضائع غير المطابقة للمواصفات والمقاييس.
وقال مدير عام جمرك شحن، ثابت عوض مبارك ان أكثر من 308 آلاف كبسولة (بروجي بلون) تم ضبطها مرمية في السياج الفاصل بين الحدود اليمنية والعمانية من قبل إدارة المكافحة والضابطة الجمركية وتم اتلافها.
تنسيق الجهود بين الأجهزة الضبطية والقضائية بالمحافظة
وفي اطار تنسيق الجهود بين الأجهزة الضبطية والقضائية بالمحافظة تم أتلاف كميات كبيرة من تلك الأدوية التي تتنوع بين الأدوية المزورة والمنتهية ومجهولة المصدر .
وقال رئيس نيابة الاستئناف بمحافظة المهرة هاني بلحاف إنهم اتلفوا كمية تقدر بمليون وسبعمائة وخمس ألف كبسولة بريجانالين 300 مل وهي من ضمن الأدوية المدرجة في جدول المؤثرات العقلية في اليمن، كما تم إتلاف ثمانمائة وستة واربعين الف كبسولة نوع جنسنج دواء مهرب غير معروف المصدر، بالإضافة إلى أصناف متنوعة من الأدوية تشمل 19 نوع بكميات متفاوتة منقولة بطريقة غير آمنه ولا تحمل أي تصاريح وغير معروفة المصدر.
وأشار إلى أن الكميات التي تم إتلافها لم تستطع المخازن الخاصة بجمرك صرفت استيعابها لكون المخازن غير صالحة للحفظ ولعدم وجود الشروط الصحية لحفظها، إلى جانب دخولها بطريقة غير قانونية، والبعض قد إنتهت صلاحيتها خلال فترة الخزن مما تسبب في تلفها.
واضاف أن النيابة أتلفت أدوية ممنوعة ومهربة بطريقة غير شرعيه ومدرجه ضمن المؤثرات العقلية بموجب تعميم الهيئة العليا للأدوية، بالإضافة لكونها غير صالحة للاستخدام الآدمي.
ويؤكد بلحاف أن تلك الجهود ما كان لها أن تتكلل بالنجاح لولا التنسيق العالي بين الأجهزة الضبطية والقضائية في محافظة المهرة .
حملات تفتيش ومداهمة لعدد من الصيدليات في مدينة الغيضة
وعن دور وزارة الصحة العامة والسكان عبر مكاتبها التنفيذية في المحافظة، بوصفها المسؤول الأول عن رقابة السوق الدوائية وحمايتها من تلك السموم القاتلة، يقول لمنصة "الفانوس" مدير مكتب الصحة عوض مبارك إنهم يكثفون بشكل مستمر من حملات الرقابة والتفتيش على الصيدليات، واستهدفوا في الفترة الأخيرة عددا من الصيدليات في مدينة الغيضة، وتمكنوا من ضبط كميات كبيرة من الأدوية المزورة.
وأوضح مبارك أن عمليات التهريب تتم عبر المنافذ الداخلية للمحافظة الرابطه بين المهرة وحضرموت إلى جانب المنافذ البرية والبحرية في شحن وصرفيت وميناء نشطون البحري مشددا على ضرورة أن تكون الأدوية عبر الوكالات المعتمدة للأدوية وليس عبر الوكالات غير المرخصة.
من جانبه قال انس البشيري رئيس قسم الرقابة بمكتب الصحة والسكان بالمحافظة بأن مشكلة التهريب باتت تؤرق الجهات الرسمية نظرا لتوسع انتشارها داعيا المواطنين بعدم التعامل مع الأدوية المهربة حفاظا على صحتهم.
وتظل ظاهرة تهريب الأدوية هاجسا يؤرق حياة اليمنيين، ويضاعف معاناتهم اليومية، والأمل معقود على ارتفاع وعي الناس، والتزامهم بموجهات الأطباء، والعودة لهم قبل استخدام أي أدوية.