طقوس العيد في محافظة شبوة..فنون وشعر وألعاب وأطباق شهية
الفانوس-محمد عرفان
على الرغم التطورات السريعة والمتلاحقة في عالم الاتصال والتواصل وما رافقهما من مظاهر الحداثة والعصرنة إلا أن محافظة شبوة ما تزال محافظة على عادات وتقاليد الأعياد وما يتخللها من طقوس ومباهج متجذرة في الموروث الثقافي الشبواني المتوارث كابر عن كابر، وتتنوع تلك الطقوس بين الأهازيج الغنائية والرقاصات والألعاب الشعبية، فضلا عن اجتماعات الأهل والاصحاب والأحبة، وتقديم الهدايا والمعايدات، وتحضير الأطباق المختلفة من المأكولات والحلويات، في أجواء من الألفة والمحبة.
الألعاب الشعبية القديمة في محافظة شبوة
منصة"الفانوس" رصدت جانبا من احتفالات العيد في محافظة شبوة واستمعت لقصص وحكايات الأولين منهم العم علي عبد الله الذي تحدث بشوق وحنين لأيام الزمن الجميل.
يقول العم علي وهو مهتم بالموروث الشعبي في محافظة شبوة" كان قديماً بعد الانتهاء من صلاة العيد والعواد وزيارات الأقارب يجتمع الأهالي في أكبر مساحة تكون موجودة، وتبدأ الطقوس العيدية بتنظيم رقصات الشرح على ايقاعات الطبول والزغاريد والأهازيج والزوامل في أجواء من البهجة السرور، ويستمر ذلك حتى قرب آذان الظهر"
ويضيف" بعدها ينصرف الأهالي إلى منازلهم ومن ثم يعاودون الاجتماع بعد صلاة العصر في الوادي، وتكون هناك مجاميع مثل الحلقات، يجتمعون كبار السن في حلقة لحالهم وهم من يتزعمون الاجتماع، ومن ثم فئة الشباب ومن ثم فئة، الأطفال ويتبادلون الأحاديث والقصص والأشعار، وفي الأثناء يتم تطيب بعضهم بالبخور و العطور"
وعن الألعاب الشعبية التي كانت تمارس قديما وتضفي نوعا من التسلية والمرح يقول العم علي " كان لكل فئة عمرية لعبة خاصة، فمثلا كبار السن يلعبون الثبت، والعنة، والنق، الشطرنج، منها ما يلعب بشكل ثنائي ومنها ما يلعب بشكل جماعي، وتكون فيها المنافسة شريفة".
ويوضح " مثلا لعبة "الثبت" يلعبها اثنان، يختار في البداية كل شخص ثلاثة قطع تميزه عن غيره أثناء اللعب كالحصى، في حين يختار الآخر أخشاب صغيرة، وما بينهم مربع من ستة خطوط متقاطعة بدائرة صغيرة في المنتصف، وخط سابع لا يخترق الدائرة، والفائز من يجعل الحصى أو الأخشاب في خط مستقيم"
وبالنسبة للشباب فهناك اللعاب تتناسب مع قوتهم وطاقاتهم المفعة بالنشاط والحيوية منها بحسب العم علي: لعبة رحل، ولعبة شخوط، ولعبة نشوفه، وشد الحبل، وهجة، وهناك ألعاب مخصصة للأطفال منها "بيع التيس" ويقوم مجموعة من الأطفال، أحدهم القائد والبقية خلفه، وآخر يكون أمام القائد يسمى المتحدي، يحاول أن يسحب أكبر عدد من المجموعه التي تكون خلف القائد، وقائدهم يحاول حمايتهم ويردد المتحدي بيع التيس، فترد عليه المجموعة التي تكون خلف القائد والله ما نبيعه وفي كل هجوم للمتحدي يسحب شخص بالقوة من المجموعة المتواجده خلف القائد حتى يسحبهم جميعاً.
أطباق العيد في محافظة شبوة
وعن ما يعكسه العيد من قيم التراحم والترابط العائلي والاجتماعي يقول محمد علي أحد أعيان المحافظة" ما أن تطل مناسبة العيد إلا وتعود المحبة والتراحم والترابط والإخاء بين أهالي المحافظه فهذه المناسبة العظيمة تعيد للأهالي الفرحة وترسم على وجوههم البسمة، وتغمرهم السعادة، وتعيد لهم الأمل ويبتهج الكبار والصغار بالعيد بارتباطه بالعادات والتقاليد"
ويضيف" ما أن ينكشف الخيط الأبيض من الخيط الأسود بعد الفجر إلا وينطلق الأهالي بعد تجهزهم ولبسهم اللباس الجديد والتطيب بالروائح الجميلة والزكيه ويسيرون إلى مصلى العيد لتأدية هذه الشعيرة المباركة، معلنه انطلاق أول أيام العيد، وبعد الانتهاء من خطبة صلاة العيد يقوم المصلون بالصفاح والمعايدة فيما بينهم، وبعد ذلك يعود الأهالي جميعاً إلى بيتوهم"
وحول الأطباق المفضلة للمجتمع الشبواني في العيد يقول محمد " بعد العودة من صلاة العيد يتم تقديم وجبة الفطور المكونة من البر والعسل المسماه بالمعصوبة، وتكون هذا الوجبة حاضره في كل بيت بمحافظة شبوة في مثل هذا اليوم ثم يتجولون على البيوت للمعايدة وكل بيت يدخلونه يقدم لهم صاحب البيت الحلويات والعصائر، وبعد الانتهاء يقوم صاحب المنزل بمرافقتهم، ويكملون على باقي البيوت"
ويضيف" وفي المساء يستقرون في منزل الأكبر سناً لتناول وجبة العشاء ويتبادلون الأحاديث الودية والسمر في جو تغمره الألفة والمحبة والرحمة إلى وقت متأخر من الليل، فضلا عن المساجلات الشعرية، وسماع وسرد القصص والحكايات القديمة على النشء والشباب، وتستمر تلك الطقوس طوال فترة العيد"
اليوم ومع سوء الأوضاع المعيشية للكثير من العوائل ودخول مظاهر الحداثة والتطور في مختلف مجالات الحياة إلا أن محافظة شبوة ما تزال متمسكة ببعض العادات والتقاليد الأصيلة، وسط مخاوف الجيل القديم من اندثارها ونسيانها.