ثقافة وفن

سالم عبدالقوي.. راهب الأغنية الضالعية وطبيبها الخاص يتحدث للفانوس

الضالع قصيدة لم تقرأ وأغنية في قائمة الانتظار

بين الهند وبين الضالع يا طيار زيد السرعة ..مطلع أغنية للفنان المتميز الدكتور سالم عبد القوي، لكنها تجسيد حقيقي لحياة الفنان الذي قضى سنوات من عمره بين الضالع والهند، طلبا للعلم، والإمتلاء بالمعرفة، وبما يشتمل عليهما من تلاقح ثقافي وفني بديع، وهي لوعات يبثها على أثير الشوق لمحبوبته الأولى والأسمى مدينته التي صنع من جبالها ألحانا شجية، ومن وديانها أغانٍ ساحرة، وكرّس جلّ وقته وجهده في أن يقدمها كقصيدة.

هو كاتب وشاعر وملحن ومغنٍ أشبه براهب في صومعة الفن، تسكن حنجرته الأغنية، ويشكّل وجدانه الإحساس، وإيمانا عميقا بأن الفن هوالمدخل الحقيقي إلى روح الإنسان، ومخرج طوارئ حينما تختنق الحياة بالسياسة والحرب، ومنذ أن لامست أنامله أوتار العود حمل على عاتقه مهمة إخراج الموروث الثقافي والفني الضالعي من قمقم التجاهل والإهمال، إلى نور التطور والإزدهار، وساهم مع فنانين آخرين في انتشار الأغنية الضالعية، وتثبيت وجودها على خارطة الألوان الغنائية المختلفة.

بمفهوم الشمول، هو شامل، يتكئ على علم ومعرفة وثقافة وإحساس، وتفاصيل فنية تسطع في صوته وألحانه، فضلا عن رسائله كفنان واعٍ بدوره المعالج للكثير من رواسب التخلّف الاجتماعي، يميل دائما إلى الحداثة دون إحداث أي ضرر على الأصالة، أصيل في فنه، ومواقفه، ووفائه لأرضه، وإنسانه، ودون إنتقاص من الآخر يتلبّسه الفخر بكل ما ينتمي إليه، وله طموح بلا سقف.

الفنان سالم عبدالقوي
الفنان سالم عبدالقوي

في حوار مع "الفانوس" يتحدث الفنان سالم عبد القوي عن الموروث الثقافي الضالعي، وبواقعية شديدة يقيّم الواقع الثقافي والفني في مدينة اُختزلت في صورة ذهنية نمطية، وما تزال عالقة بين ثنائية السياسة والعسكرية، وإن كان هذا التأطير قد سقط بالكثير من الحقائق يوضّحها الدكتور سالم في هذا الحوار.

في سلّم الألوان الغنائية اليمنية، أين تقع الأغنية الضالعية اليوم؟

سؤال صعب جدا الإجابة عليه ، في سلم الأغنية اليمنية الأغنية الضالعية موجودة ولكن تواجد محدود جدا.

تزخر محافظة الضالع بالكثير من الموروثات الفنية والثقافية غير أنها ماتزال غائبة عن الجمهور.. لماذا؟

عوامل انتشار أي موروث ثقافي يأتي أولاً باعتزاز أهل البلد بهويتهم وتراثهم ، والعمل على موسقة الأغنية بطريقة تواكب العصر، للاسف السياسة المتخلفة تقتل الإبداع ، والسلطة الطائشة تميل إلى تأويل الأغاني بطريقة مزاجية تعمل على تكبير الحاجز بين السلطة والفن ، الفن يعرف بقيمة السياسة ويتعامل معها ولكن بعض السياسة تخنق العملية الفنية والثقافية برمتها، في الاخير فإن الفنان الحقيقي هو صوت الشعب والجماهير والوطن وعليه أن يتحمل ويصمد ويواجه ويدافع لأن الفن أيضا سلاح قوي لا يستهان به..... الفنان وطني وليس سياسي...والوطني يستخدم السياسية لخدمة وطنه بينما السياسي يستخدم وطنة لخدمة سياسته والفرق كبير.

الفنان سالم عبد القوي هو رافعة فنية كبيرة للموروث الثقافي في الضالع، برأيك ماهو المدخل الحقيقي لإنعاش الحياة الفنية والثقافية في الضالع؟

المدخل الحقيقي لإنعاش الحياة الفنية يأتي من إصرار المواهب على الاستمرار مهما كانت الظروف وثانيا من قناعة أهل النفوذ والقرار داخل البلد وخارجها.

تغني اللون الضالعي.. ما مدى تفاعل الجمهور غير الضالعي معه؟

هناك شي غريب ، أكثر من مرة وأكثر من بلد عندما يعرفون أننا من الضالع يستغربوا وكان الضالع بلد للسياسة والحروب فقط ولا وجود للعلم والثقافة والفن فيها وهذا يحز في نفسي كثير، وبالمناسبة فإن الضالع فيها عدد كبير لا تتوقعه من العازفين والمطربين والشعراء والكتاب والرسامين والخطاطين...لو وجدوا المناخ المناسب لعرف المجتمع هوية ضالعية راقية بإيقاع ولحن وصوت ولون مميز جدا.

أي من أغانيك هي الأقرب إليك ولماذا؟

كل الاغاني أشعر أنها قريبا، وتحمل المواضيع التي أتمنى أن تكون صادقة وقريبة لحياتنا.

ما خصوصية اللون الغنائي الضالعي؟

خصوصية أي لون تظهر في ايقاعه، والضالع فيها ايقاعات مختلفة مثل البرع والسفيخ ، اضافه إلى نكهة الأداء الصوتي في اللحن كصوت الزين وصوت الضبياني.

من الأصوات الضالعية التي تجدها جديرة بالتشجيع والانتشار؟

كثير أصوات مميزة ، ففي الآونة الأخيرة ظهر صوت مميز وناضج وهو الفنان زايد الحيدري يتعامل مع الأغنية بمسؤلية واهتمام كنموذج لشباب كثير ومن الصعوبة ذكر الأسماء كلها فهي كثيرة وكلها تستحق الاهتمام والتشجيع.

كيف يمكن للفنان الضالعي اليوم أن ينطلق؟

أهم خطوة للفنان هي الإيمان بقوة موهبته ولا يسمح بقدر المستطاع أن يجعل الظروف تقهر ابداعة ، وأقول له إن الإبداع يقهر الظروف حتى بالامكانيات المتواضعة والمتاحة ، وإذ وجد الموهبة فرصة للخروج إلى بلد حيث المناخ المتوفر للفن فل يفعل.

أنت من الفنانين القلائل الحاصلين على شهادة عليا، ما الذي أضافته إليك؟

مافي شك أن التأهيل العلمي والأكاديمية يجعل الإنتاج الإبداعي أكثر نضج ، في الاختيار وفي معرفة التفاصيل الدقيقة للإبداع والتي قد لا تراها بدون العلم ولكن الموهبة هي الأصل والتعليم يصقلها ويطورها ويعرف كيف يحميها.

ما أهمية أن يكون الفنان مثقف وكيف يساعده ذلك في اختيار أغانيه؟

كلما كان الفنان مثقفا كلما كان أفضل ،الثقافة تساعد الفنان على اختيار القرارات الصعبة وتجاوز متاعبها ، اضافه إلى التمعن في تفاصيل الكلام واللحن والتأني في اخراجة بالصورة المناسبة بقدر المستطاع.

كيف تقييم تعامل الفنانين مع السوشل ميديا، ما الجوانب المفيدة منها، وما هو الضرر؟

السوشل ميديا مفيد جدا جدا للفنان عندما تكون أعمالة جاهزة للنشر ، ولكن أحيانا تنتشر أعمال غير مكتملة النضج فيتمنى الفنان أن يسحبها فلا يستطيع.

كيف تقيّم الواقع الفني والثقافي في اليمن عامة وفي الضالع خاصة؟

اليمن ضحية فشل إداري في كل جوانبه، وهي أول بلد يكون المسؤول الثقافي فيها غير مثقف ولا شاعر ولا رسام ولا كاتب ولا فنان ، ما أدري كيف يقود الثقافة ، وفي الضالع اتمنى أن يأخذوا عبرة من يافع وحضرموت كيف استطاعوا إبراز هويتهم وثقافتهم في أصعب الضروف لاداركهم إن التراث والموروث هو الهوية الوطنية الأولى لإثبات الوجود على الأرض.

حدثنا عن دراستك وما هي مشاريعك القادمة سواء تحضير أغاني جديدة أو غير ذلك؟

حاليا أدرس الدكتوراه في الأدب الإنجليزي في الهند ولكن حياتي لم تتغير فمن البداية أتنفس في الفن عند تكثر مداخلات التعليم، وهكذا منذو طفولتي اقرأ الدروس وعندما يأتي الملل أعمل على تجديد الجو فنيا..فتطلع بين الحين والآخر قصيده أو لحن أو مقطوعة موسيقية فأنا مازلت هذا الهاوي للأدب والفن ولكنني لست المحترف ، لكني أحب هذه الموهبة واعتز فيها كثير.

Back to top button