قضايا منسيةهموم يومية
أخر الأخبار

مهددات البيوت الطينية في محافظة الضالع.. 10 دولار موازنة مكتب الهيئة العامة للآثار في محافظة الضالع

الفانوس - علاء السلال

في الجزء الشمالي لمحافظة الضالع وبالتحديد في مديرية قعطبة تربض قعطبة القديمة صاحبة الرقم الأكبر في أعداد المنازل الطينية والتي تقدر اعدادها بحوالي ٢٠٠ منزل يعود تاريخ بناء بعضها إلى حوالي 400 عام حسب مختصين

لا يختلف حال المنازل الطينية في مدينة قعطبة القديمة عن حال باقي المنازل الطينية في عموم البلاد بل أنها الأقل حظا من الاهتمام الحكومي إذا يواجه أكثر من ثلث المدينة خطر الاندثار الجزئي والكلي في ظل عدم وجود رؤية أو إستراتيجية وطنية لدى سلطات الدولة للإهتمام بهذا الإرث العريق

لم يتبقَ من المدينة القديمة شيء مما كانت عليه قبل عقود، فأغلب منازلها تدمرت واستحدثت مكانها منازل حديثة أما سورها الطيني الذي كان يحميها وبوابتها الأربع ومدرستها الاحمدية القديمة
وجامعها الكبير جميعها تدمرت بفعل عوامل عدة وأصبحت في خبر كان .

المخاطر التي تواجه المنازل الطينية

في حارة الحويك بقلب المدينة القديمة بقعطبة حيث العدد الأكبر للمنازل الطينية وجدنا عشرات المنازل التي تضررت بفعل الأمطار التي شهدتها البلاد في الفترة الأخيرة الماضية أضرار تنوعت ما بين الكلي والجزئي حيث غالبية القاطنين فيها من ذوي الدخل المحدود والبسطاء ، التقيناهم وسمعنا صدى معاناتهم من واقع الحال الذين يعيشونه

عبدالرحمن محمد علي من ساكني المنازل الطينية يقول للفانوس اضطررت لتغير واجهة منزلي من الطين الى الأسمنت خوفا من السقوط بفعل الأمطار ويتابع عبدالرحمن أن هذه الطريقة هي الأكثر أمانا لحفظ المنازل من السقوط والإنهيار خاصة في موسم السيول والأمطار

وليس ببعيد عن عبدالرحمن وجدنا المواطن عبدالكريم المنصوب أحد السكان الذين تضررت منازلهم بفعل الأمطار الأخيرة دخلنا منزله فوجدنا جزء منه تهدم والجزء الآخر آيل للسقوط في أي لحظة

ويحكي لنا عبدالكريم المنصوب بأنفاس متعبة ونبرة صوت حزينة من واقع الحال الذي يعيشه وظروف الحياة التي أثقلت كاهلة قائلا" في البداية ارحب بالفانوس هنا في مديرية قعطبة لتلمسها واقعنا المزري في جميع نواحي الحياة
ويضيف أنا مريض بالقلب وبحاجة لدعامتين وراتبي 90 الف ولا قدرة على توفير دواء لنفسي فكيف استطيع تأجير منزل حديث إيجاره يفوق راتبي أصلا ، أو ترميم منزلي الذي تعرض جزء منه للسقوط ولم يتبقَ منه سوى جزء آخر لا نعلم متى ينهار على أجسادنا المتعبة
ويتابع أضطررت لعمل زنج وطرابيل على أسطح ماتبقى من منزلي في محاولة للتخفيف من كمية المياه المتساقطة عليه وعلى أسرته.

تأثير الحرب

للحرب نصيبها الأكبر من عملية تدمير الأرض والإنسان ، الكثير من المنازل الطينية بقعطبة القديمة تأثرت بفعل الحرب المشتعلة في محافظة الضالع بعض المنازل تضررت بسبب القذائف التي سقطت وسط الأحياء والبعض الآخر نتيجة الإنفجارات والاشتباكات القريبة

أمجد الرعيني من سكان المنازل الطينية اضطر لتلييس إحدى واجهات منزله بالأسمنت بدلا من الطين بعد سقوط مقذوف حربي قرب منزله في العام 2015م والذي تسبب بتدمير واجهة المنزل وسبب دمار ورعبا للسكان

يقول أمجد أن الجهات المختصة غائبة عنهم ولم يأت أحد من السلطة المحلية او المنظمات او الجهات المختصة لتفقد الأضرار التي تعرض لها منزله
ويتابع أمجد نكاد نشعر ان الدولة غائبة وان الجهات المختصة والمنظمات الفاعلة المحلية منها والخارجية لا وجود لها وإن وجدت ليسوا مهتمين بنا أصلا

الطرابيل كمادة عازلة تخفف من حدة تسرب الأمطار إلى المنازل وتحميها من الانهيار.

في موسم الأمطار غالبا ما تكتسي أسطح المنازل الطينية بقعطبة بالطرابيل كمادة تخفف من تسرب مياه الأمطار إلى داخل المنازل وهذا ما تؤكده لنا أم عبده والتي تقول انهم لم يجدوا شيء يخفف من معاناتهم مع الأمطار سوى الطرابيل وهي طريقة بدائية لم يجد السكان غيرها لحماية أنفسهم من تأثير الأمطار ومنازلهم من الانهيار

علي عميران مدير مكتب إعلام مديرية قعطبة يقول في تصريح للفانوس لا توجد هنا أي جهات داعمة ومشجعة للأهالي، للحفاظ على العمارة الطينية للأسف العمارة الطينية في مدينة قعطبة في حكم الاندثار، بسبب عدم وجود الاهتمام من جهات الاختصاص وعدم تشجيع الأهالي ومساعدتهم على الحفاظ على هذا الموروث الجميل في عملية ترميم منازلهم، فالترميم تكلفته باهظة توازي عملية البناء في بعض الأوقات وليس بمقدور الاهالي القيام بذلك.

علي عميران مدير مكتب إعلام مديرية قعطبة

 

الاستحداث العمراني

ليست السيول وحدها من تشكل تهديدا على المنازل الطينية فحسب بل أن هناك تهديدات أخرى لا تقل خطورة عن الأمطار والسيول فالزحف العمراني الذي تشهده المدينة وتوجه السكان لاستبدال منازلهم الطينية بالمنازل الخرسانية الحديثة شوه صورة المدينة والتهم منها حيزا كبيرا وهي ناتجة في مجمل الأمر عن غياب التوعية بأهمية المحافظة على الإرث التاريخي.

جهود السلطة المحلية وهيئة الآثار

السلطات المحلية بمديرية قعطبة ومحافظة الضالع قامت بمخاطبة عدد من الجهات المختصة وكذلك الصندوق الاجتماعي للتنمية حيث قام فريق من قبلهم بزيارة المدينة وقاموا بعمل رصف للممرات والأزقة بين المنازل وتم التواصل بهم من أجل التدخل بترميم هذه المباني الطينية وعمل جدران حماية من اجل الحفاظ عليها من الإنهيار والتساقط كونها تمثل واجهة سياحية وجمالية وأثرية وتاريخية لمديرية قعطبة وإحدى اللوحات المعمارية الجميلة للعمارة الطينية في المحافظة إلا أنه حتى اللحظة لا توجد غير وعود بالترميم من دون تنفيذ

ويضيف عميران تم التواصل والتنسيق مع بعض المنظمات الدولية العاملة في المحافظة والرفع لهم بحجم الاضرار التي لحقت بهذه المنازل بسبب هطول الامطار التي ادت لتساقط بعض الاسقف للمنازل والبعض منها انهار بشكل كامل حيث قام فريق إحدى المنظمات بالنزول وعمل مسح للمنازل وتقديم بعض المساعدات الطارئة لبعض المتضررين التي لاتفي بالغرض ولاتلبي إحتياجاتهم كون منازلهم أصبحت غير صالحة للسكن وتهدم أسقفها وأصبحت مكشوفة بينما هناك الكثير من المتضررين حرموا من هذه المساعدات بسبب نفاد الدعم والتمويل من قبل المنظمة بحسب قولهم ، فالمعاناة مازالت مستمرة والأمر يتطلب تدخلا عاجلا من أجل مساعدة المتضررين لترميم منازلهم وعودتهم للسكن فيها.

بدوره مكتب الهيئة العامة للآثار في محافظة الضالع يعبر عن عجزهم التام عن تقديم أي شيء يذكر وذلك بفعل انعدام الدعم المادي وميزانيته التشغيلية، حيث يفيد بأن موازنة المكتب لا تتجاوز ١٠ دولار في الشهر، وهو مبلغ يعكس كارثة الأهمال والتجاهل لقطاع الآثار في المحافظة، ويؤكدون أنهم أطلقوا عددا من المناشدات لمساعدتهم بما يمكنهم من العمل أسوة بالمكاتب في المحافظات المجاورة، لكن دون جدوى.

 

وظائفها الحيوية وطرازها المعماري المميز

تمتاز المنازل الطينية القديمة بمدينة قعطبة بنمطها المعماري الجميل ذات الخصائص المعمارية الفريدة التي تجسد أصالة العمارة الطينية في الضالع هذه المنازل التي بنيت من الطين أو اللبن في فصل الصيف يكون الجو فيها معتدلا أما في موسم الشتاء فهي غالبا تمد ساكنيها بالدفئ إلى جانب كونها تصمد أمام عوامل التعرية ناهيك عن أن أغلب ساكني هذه المنازل هم من الطبقة الكادحة يقولون أنها تذكرهم بآبائهم الذين توارثوا العيش فيها عن أجدادهم هذه العوامل جميعها جعلت البعض يفضل هذه المنازل الطينية البسيطة على المنازل الحديثة

الجانب الفني والجمالي للمنازل الطينية سمة أساسية إذ انها تتميز بنمط معماري وهندسي بديع ذات زخارف جمالية في هندستها الخارجية، أما من الداخل فقد نحت المهندسون القدماء إبداعاتهم على الأعمدة الخشبية للسقف وفوق الأبواب الداخلية إلى جانب طلائها بمادة النورة التي تخفي عيوب الطين وتضفي للمكان لمسة جمالية ساحرة رغم بساطتها.

ونظراً لأهمية الحفاظ على الإرث التاريخي لمنازل الطين والمحافظة على عمقها التاريخي والتي أصبحت مهددة اليوم بفعل عوامل كثيرة يناشد الأهالي في مدينة قعطبة جهات الإختصاص والمنظمات الفاعلة ومنظمة الثقافة والتربية والعلوم (اليونسكو) بلفت النظر إلى واقع مدينتهم وسرعة العمل على ترميمها والحفاظ على ما تبقى منها كونها تمثل إرثا تاريخيا شاهدا على حقبة زمنية أصيلة

زر الذهاب إلى الأعلى